فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبا على قلبه وصدأه بحسب غفلته
وإذا صدأ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه
فيرى الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل
لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم
فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الران
فسد تصوره وإدراكه فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا
وهذا أعظم عقوبات القلب
وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى
فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره
قال تعالى : { ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا }
فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر :
هل هو من أهل الذكر أو من الغافلين ؟
وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي
فإن كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من أهل الغفلة كان أمره فرطا
ومعنى الفرط قد فسر بالتضييع
أي أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه
وفسر بالاسراف أي قد أفرط وفسر بالإهلاك وفسر بالخلاف للحق وكلها أقوال متقاربة
والمقصود أن الله سبحانه وتعالى نهى عن طاعة من جمع هذه الصفات
فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه
فإن وجده كذلك فليبعد منه وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله تعالى عز و جل واتباع السنة وأمره غير مفروط عليه بل هو حازم في أمره فليستمسك بغرزه .
( ابن القيم في الوابل الصيب)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق