ليعبدون

الأربعاء، 2 مايو 2012

"المراهقة المتأخرة".. أزمات وخصائص!



"المراهقة المتأخرة".. أزمات وخصائص!



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة




يسميها البعض "المراهقة المتأخرة" ويسميها آخرون "أزمة منتصف العمر" باعتبار أنها تصيب الرجال والنساء بعد سن الأربعين، سن ذروة النضوج والقوة، لكنها تبقى مرحلة نفسية وعُمرية خطيرة يمر بها العديد من الناس ذكورا وإناثا.. منهم من ينجو من تبعاتها وتداعياتها، ومنهم من يتعرض لتدمير حياته الخاصة والعامة بسبب هذه المرحلة الحرجة التي تأتي متأخرة وقد لا تُبقي ولا تذر.. 

قصص من الواقع


لا يلبث أحمد سائق سيارة أجرة أن يذهب بسيارته إلى أحد الأحياء بالرباط ينتظر فتاة صغيرة السن في عمر أصغر بناته، كي يُقلها ويتجول برفقتها غير عابئ بنظرات معارفه ولا مهتم بتعليقات جيرانه وأصدقائه ورفاقه من السائقين، فقد "غزته المراهقة بشكل متأخر"، تقول إحدى جاراته بأنه صار على ذلك الحال منذ بضعة أشهر، حيث ربط علاقة عاطفية مع تلك الفتاة، هي تستغل سيارته للتنقل والتجول في المدينة وقضاء أغراضها ومصالحها وتسديد الرجل لمصاريفها، وهو من جانبه يستعيد سنوات شبابه بعدما وجد نفسه يعيش فراغا نفسيا كبيرا بسبب زواج بناته وكبر أبنائه، فلم تعد الأسرة تمثل له دافع الحياة ولا الحضن الدافئ الذي يرجع إليه كل مساء، فانطلقت مغامراته التي أضحت معروفة حتى من طرف أفراد أسرته، ورغم الانتقادات المتعددة لسلوكياته، لكنه يصر على استرجاع شبابه ولو بشكل خاطئ.. إنها مراهقة متأخرة ولا شك.. 
وفي الدار البيضاء، تم عرض قضية زوج أصابته مراهقة متأخرة قبل بضعة أسابيع في إحدى المحاكم بعد أن رفعت امرأة تبلغ من العمر حوالي 57 عاما تتابع زوجها البالغ من العمر زهاء 62 سنة يعمل كمقاول بناء. وجاء في أقوالها أمام المحكمة "أنها ضاقت ذرعا من تصرفات زوجها الطائشة، وأنها حاولت التغاضي عن خيانته لها مرات عدة، وكانت تسامحه في كل مرة، مما جعله يتمادى في تصرفاته، إلى أن هجرها وأصبح يصرف كل أمواله على النساء وشرب الخمر الذي كان يدمنه..". 

المظاهر والخصائص


ويستعرض الباحث النفسي والتربوي محمد الصدوقي مظاهر المراهقة المتأخرة، مبرزا بعض خصائصها:
ـ التكلف في إظهار "شبابياتهم" في الحركات والقيام ببعض الأنشطة، وارتياد بعض الأمكنة الشبابية من مقاه وقاعات الألعاب ونوادي الشباب وتجمعاتهم..
ـ المظهر: يتشبهون في مظهرهم الخارجي من قبيل اللباس والتزيين بالشباب حتى يحصلوا على منظر "لوك" شبابي متميز، وهناك البعض من يحرص على وضع سلاسل في عنقه وفي معصم يديه وخواتم وصور تزين أقمصته فقط من أجل الحصول على مظهر شبابي يجعله يبتعد عن عمره الحقيقي ليرجع للوراء ممتطيا صهوة الزمان لعله يحقق أمنية العودة للشباب.
ـ العلاقات، حيث يميلون إلى ربط علاقات مع من هم أصغر منهم سنا، فتجد الرجل في الخمسين أو الستين من عمره وهو يصاحب شبابا في العشرين دون أن يجد أدنى حرج، وهناك من النساء من تجاوزت الأربعين عاما وربما الخمسين وتحرص على أن تربط علاقات مع فتيات في عمر بناتها مع كل ما تقتضيه علاقة الصداقة من رفقة وتتبع واهتمام.. 

نظرات الشفقة


وكثيرا ما ينظر الناس إلى رجل أو امرأة أصابته "المراهقة المتأخرة" نظرة ابتذال أو نفور وأحيانا نظرة شفقة؛ فالذين ينظرون إلى الرجل المراهق المتأخر بنفور ويتعاملون معه بالصد وكثير من الحرج يفعلون ذلك لأنهم لا يستسيغون موافقة عمره لطبيعة سلوكياته التي لا يقوم بها إلا صغار السن، لهذا يتم نعته بأوصاف شعبية مثل "شارف وهارف" بمعنى أنه كبير في السن لكنه صغير في العقل والإدراك لواقع الحياة وضوابطها، وأيضا مقولة "حتى شاب وداوه للكُتّاب" أي أنه بعدما شاب رأس الرجل واشتعل شيبا راح ليتعلم في كُتّاب الصغار، بمعنى انه أضحى يتصرف مثل صغار السن..وهذه معان قدحية في من أصابته المراهقة المتأخرة تعبيرا عن عدم رضا العديدين على مثل هذه التصرفات.
أما نظرة الشفقة لهؤلاء "المراهقين المتأخرين" فلعلها تعود ربما لكون هؤلاء الرجال أو النساء مجرد ضحايا ونتائج لعوامل نفسية وعائلية واجتماعية بالأساس، جعلتهم يتصرفون بتلك الطريقة، ولو وجدوا الظروف عادية ومواتية لنفسياتهم لما قاموا بما يشي أنهم صاروا مراهقين بعد كل العقود العمرية التي عاشوها.. 

العلاقة مع الأبناء 


وبالنسبة لنظرة وعلاقة الأبناء إلى آبائهم المراهقين، يرى الأخصائي التربوي والنفسي محمد الصدوقي أن هناك نظرتين واتجاهاين في هذه العلاقة:
الأولى، نظرة دهشة وغموض من طرف الأبناء، حيث قد يؤثر ذلك على نموهم الطبيعي ويشوش عليه لأن الآباء يُتخذون كقدوة وكمثال من طرف أبنائهم في نضجهم النمائي (الوجداني والعقلي والاجتماعي والقيمي).
والثاني أنه يمكن أن تكون علاقة الأبناء بآبائهم "المُتشببين" جيدة لأن آباءهم هؤلاء يندمجون معهم في نمط سلوكي واحد، ويتفهمون عقليتهم ورغباتهم وحاجياتهم، بل قد يشتركون معا في نفس الأنشطة والاختيارات..".

كتبه / حسن الأشرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق